شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ١١٤
فاجتمع إليه الناس من كل كوره (1) وأرادوا المسير إلى صفين، فاستشارهم، وقال:
إن عليا قد خرج من الكوفة، وعهد العاهد به أنه فارق النخيلة (2).
فقال حبيب بن مسلمة: فإني أرى أن نخرج حتى ننزل منزلنا الذي كنا فيه، فإنه منزل مبارك، وقد متعنا الله به وأعطانا من عدونا فيه النصف.
وقال عمرو بن العاص: إني أرى لك أن تسير بالجنود حتى توغلها في سلطانهم من أرض الجزيرة، فإن ذلك أقوى لجندك، وأذل لأهل حربك. فقال معاوية: والله إني لأعرف أن الذي تقول كما تقول، ولكن الناس لا يطيقون ذلك. قال عمرو: إنها أرض رفيقة، فقال معاوية: إن جهد الناس أن يبلغوا منزلهم الذي كانوا به - يعني صفين.
فمكثوا يجيلون الرأي يومين أو ثلاثة، حتى قدمت عليهم عيونهم: أن عليا اختلف عليه أصحابه ففارقته منهم فرقة أنكرت أمر الحكومة، وأنه قد رجع عنكم إليهم.
فكبر الناس سرورا لانصرافه عنهم، وما ألقى الله عز وجل من الخلاف بينهم. فلم يزل معاوية معسكرا في مكانه، منتظرا لما يكون من علي وأصحابه، وهل يقبل بالناس أم لا؟
فما برح حتى جاء الخبر أن عليا قد قتل أولئك الخوارج، وأنه أراد بعد قتلهم أن يقبل بالناس، وأنهم استنظروه ودافعوه، فسر بذلك هو ومن قبله من الناس.
قال: وروى ابن أبي سيف (3)، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن مسعدة الفزاري قال: جاءنا كتاب عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وكان بالكوفة مقيما، ونحن معسكرون مع معاوية، نتخوف أن يفرغ علي من الخوارج ثم يقبل إلينا، ونحن نقول: إن أقبل إلينا كان أفضل المكان الذي نستقبله به، المكان الذي لقيناه فيه العام الماضي. فكان في كتاب عمارة بن عقبة: أما بعد: فإن عليا خرج عليه قراء

(١) الكورة: كل صقع يشتمل على عدة قرى، ولا بد لتلك القرى من قصبة أو مدينة أو نهر، يجمع اسمها. معجم البلدان ١: ٣٦.
(2) النخيلة: موضع قرب الكوفة.
(3) كذا في أ، ج، وفي ب: " سفيان ".
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن 3
2 26 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها العرب بما كانوا عليه قبل البعثة وشكواه من انفراده بعدها وذمه لمن بايع بشرط 19
3 حديث السقيفة 21
4 أمر عمرو بن العاص 61
5 27 - من خطبة له عليه السلام في الحث على الجهاد وذم المتقاعدين 74
6 استطراد بذكر كلام لابن نباتة في الجهاد 80
7 غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار 85
8 28 - ومن خطبة له عليه السلام في إدبار الدنيا وإقبال الآخرة والحث على التزود لها 91
9 نبذ من أقوال الصالحين والحكماء 93
10 استطراد بلاغي في الكلام على المقابلة 103
11 29 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتخاذلين 111
12 غارة الضحاك بن قيس ونتف من أخباره 113
13 30 - من خطبة له عليه السلام في معني قتل عثمان رضي الله عنه 126
14 اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله 129
15 31 - من كلام له عليه السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته 162
16 من أخبار الزبير وابنه عبد الله 166
17 استطراد بلاغي في الكلام على الاستدراج 170
18 32 - من خطبة له عليه السلام في ذم الدهر وحال الناس فيه 174
19 فصل في ذكر الآيات والأخبار الواردة في ذم الرياء والشهرة 178
20 فصل في مدح الخمول والجنوح إلى العزلة 182
21 33 - ومن خطبة له عليه السلام عند مسيره لقتال أهل البصرة 185
22 من أخبار يوم ذي قار 187
23 34 - من خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام 189
24 أمر الناس بعد وقعة النهروان 193
25 مناقب علي وذكر طرف من أخباره في عدله وزهده 197
26 35 - من خطبة له عليه السلام بعد التحكيم 204
27 قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج 206
28 36 - ومن خطبة له عليه السلام في تخويف أهل النهروان 265
29 أخبار الخوارج 265
30 37 - ومن كلام له عليه السلام يجرى مجرى الخطبة يذكر ثباته في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر 284
31 الأخبار الواردة عن معرفة الإمام على بالأمور الغيبية 286
32 38 - من خطبة له عليه السلام في معني الشبهة 298
33 39 - من خطبة له عليه السلام في ذم المتقاعدين عن القتال 300
34 أمر النعمان بن بشير مع علي ومالك الأرحبي 301
35 40 - ومن كلام له عليه السلام للخوارج لما سمع قولهم: " لا حكم إلا لله " 307
36 اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة 310
37 من أخبار الخوارج أيضا 310
38 41 - ومن خطبة له عليه السلام في مدح الوفاء وذم الغدر 312
39 42 - ومن خطبة له عليه السلام يحذر فيها اتباع الهوى وطول الأمل 318
40 43 - ومن خطبة له عليه السلام وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله إلى معاوية بجرير بن عبد الله البجلي 322
41 ذكر ما أورد القاضي عبد الجبار من دفع ما تعلق به الناس على عثمان من الأحداث 324
42 رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان. 328