قال: ونحو ذلك من الأبيات الشعرية قول أبي تمام:
بسط الرجاء لنا برغم نوائب * كثرت بهن مصارع الآمال (١) فقال: " الآمال " عوض " الرجاء " قال أبو الطيب:
إني لأعلم واللبيب خبير * أن الحياة - وإن حرصت - غرور ﴿٢) فقال: " خبير " ولم يقل: " عليم ".
قال: وإنما حسن ذلك، لأنه ليس بجواب، وإنما هو كلام مبتدأ.
قلت: الصحيح أن هذه الآيات، وهي قوله تعالى: " نسوا الله فأنساهم أنفسهم " وما شابهها ليست من باب المقابلة التي نحن في ذكرها، وأنها نوع آخر، ولو سميت:
المماثلة أو المكافأة لكان أولى، والدليل على ذلك أن هذا الرجل حد المقابلة في أول الباب الذي ذكر هذا البحث فيه، فقال: إنها ضد التجنيس، لان التجنيس أن يكون اللفظ واحدا مختلف المعنى، وهذه لا بد أن تتضمن معنيين ضدين، وإن كان التضاد مأخوذا في حدها، فقد خرجت هذه الآيات من باب المقابلة، وكانت نوعا آخر.
وأيضا فإن قوله تعالى: " ومكروا مكرا ومكرنا مكرا " ليس من سلك الآيات الأخرى، لأنه بالواو، والآيات الأخرى، بالفاء، والفاء جواب، والواو ليست بجواب.
وأيضا فإنا إذا تأملنا القرآن العزيز لم نجد ما ذكره هذا الرجل مطردا، قال تعالى:
" أما من استغنى. فأنت له تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى﴾ (3)، فلم يقل في الثانية: " وأما من جاءك يسعى. وهو فقير ".
وقال تعالى: " فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من