المؤمنين! ثم شتم الأنصار، فقال: يا معشر اليهود وأبناء العبيد، بنى زريق وبنى النجار وبنى سالم وبنى عبد الأشهل، اما والله لأوقعن بكم وقعة تشفى غليل صدور المؤمنين وآل عثمان. اما والله لأدعنكم أحاديث كالأمم السالفة (1).
فتهددهم حتى خاف الناس ان يوقع بهم، ففزعوا إلى حويطب بن عبد العزى - ويقال انه زوج أمه - فصعد إليه المنبر، فناشده، وقال: عترتك وأنصار رسول الله، وليسوا بقتله عثمان، فلم يزل به حتى سكن، ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه. ونزل فأحرق دورا كثيره، منها دار زرارة بن حرون، أحد بنى عمرو بن عوف، ودار رفاعة بن رافع الزرقي، ودار لابن أبي أيوب الأنصاري، وتفقد جابر بن عبد الله، فقال: ما لي لا أرى جابرا!
يا بنى سلمة، لا أمان لكم عندي، أو تأتوني بجابر! فعاذ جابر بأم سلمة رضي الله عنها، فأرسلت إلى بسر بن أرطاة، فقال: لا أؤمنه حتى يبايع، فقالت له أم سلمة: اذهب فبايع، وقالت لابنها عمر، اذهب فبايع، فذهبا فبايعاه (2).
قال إبراهيم: وروى الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان، قال: سمعت جابر ابن عبد الله الأنصاري يقول: لما خفت بسرا وتواريت عنه، قال لقومي: لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر، فأتوني، وقالوا: ننشدك الله لما انطلقت معنا فبايعت، فحقنت دمك ودماء قومك، فإنك ان لم تفعل قتلت مقاتلينا، وسبيت ذرارينا.
فاستنظرتهم الليل، فلما أمسيت دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر، فقالت: يا بنى، انطلق فبايع، احقن دمك ودماء قومك، فإني قد أمرت ابن أخي ان يذهب فيبايع، وإني لأعلم انها بيعة ضلالة.