فقال: أن ظني يا أمير المؤمنين بقومي لحسن في طاعتك، فان شئت خرجت إليهم فكفيتهم، وأن شئت كتبت إليهم فتنظر ما يجيبونك. فكتب علي عليه السلام إليهم (1):
من عبد الله على أمير المؤمنين، إلى من شاق وغدر من أهل الجند وصنعاء. اما بعد، فإني احمد الله الذي لا إله الا هو، الذي لا يعقب له حكم، ولا يرد له قضاء، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين.
وقد بلغني تجرؤكم وشقاقكم وإعراضكم عن دينكم، بعد الطاعة واعطاء البيعة، فسالت أهل الدين الخالص، والورع الصادق، واللب الراجح عن بدء محرككم، وما نويتم به، وما أحمشكم له، فحدثت عن ذلك بما لم أر لكم في شئ منه عذرا مبينا، ولا مقالا جميلا، ولا حجه ظاهرة، فإذا اتاكم رسولي فتفرقوا وانصرفوا إلى رحالكم أعف عنكم، واصفح عن جاهلكم، واحفظ قاصيكم، واعمل فيكم بحكم الكتاب. فإن لم تفعلوا، فاستعدوا لقدوم جيش جم الفرسان، عظيم الأركان، يقصد لمن طغى وعصى (2)، فتطحنوا كطحن الرحى، فمن أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد.
ووجه الكتاب مع رجل من همدان، فقدم عليهم بالكتاب فلم يجيبوه إلى خير، فقال لهم: انى تركت أمير المؤمنين يريد ان يوجه إليكم يزيد بن قيس الأرحبي، في جيش كثيف، فلم يمنعه الا انتظار جوابكم. فقالوا: نحن سامعون مطيعون، ان عزل عنا هذين الرجلين: عبيد الله وسعيدا.
فرجع الهمداني من عندهم إلى علي عليه السلام فأخبره خبر القوم.
قالوا: وكتبت تلك العصابة حين جاءها كتاب علي عليه السلام إلى معاوية يخبرونه، وكتبوا في كتابهم:
معاوي الا تسرع السير نحونا نبايع عليا أو يزيد اليمانيا.