فلما قدم كتابهم، دعا بسر بن لابن أبي أرطاة، وكان قاسي القلب فظا سفاكا للدماء، لا رأفة عنده ولا رحمه، فأمره ان يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهى إلى اليمن، وقال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة على الا بسطت عليهم لسانك، حتى يروا انهم لا نجاء لهم، وانك محيط بهم. ثم اكفف عنهم، وادعهم إلى البيعة لي، فمن لابن أبي فاقتله، واقتل شيعة على حيث كانوا.
* * * وروى إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب،، الغارات،، عن يزيد بن جابر الأزدي، قال:
سمعت عبد الرحمن بن مسعده الفزاري يحدث في خلافة عبد الملك، قال: لما دخلت سنه أربعين، تحدث الناس بالشام ان عليا عليه السلام يستنفر الناس بالعراق فلا ينفرون معه، وتذاكروا ان قد اختلفت أهواؤهم، ووقعت الفرقة بينهم، قال: فقمت في نفر من أهل الشام إلى الوليد بن عقبة، فقلنا له: ان الناس لا يشكون في اختلاف الناس على علي عليه السلام بالعراق، فادخل إلى صاحبك فمره فليسر بنا إليهم قبل ان يجتمعوا بعد تفرقهم، أو يصلح لصاحبهم ما قد فسد عليه من امره. فقال: بلى، لقد قاولته في ذلك وراجعته وعاتبته، حتى لقد برم بي، واستثقل طلعتي، وأيم الله على ذلك ما ادع ان أبلغه ما مشيتم (1) إلى فيه.
فدخل عليه فخبره بمجيئنا إليه، ومقالتنا له، فأذن لنا، فدخلنا عليه، فقال: ما هذا الخبر الذي جاءني به عنكم الوليد؟ فقلنا: هذا خبر في الناس سائر، فشمر للحرب، وناهض الأعداء، واهتبل الفرصة، واغتنم الغرة، فإنك لا تدري متى تقدر على عدوك على مثل حالهم التي هم عليها، وان تسير إلى عدوك أعز لك من أن يسيروا إليك. واعلم