فتفرق عنه أصحابه ناقمين عليه، وولى الامر معاوية الطالب بدم عثمان، فبايعوا ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا. فبايعوا.
وتفقد سعيد بن العاص فطلبه فلم يجده، وأقام أياما ثم خطبهم فقال:
يا أهل مكة، انى قد صفحت عنكم، فإياكم والخلاف، فوالله ان فعلتم لأقصدن منكم إلى التي تبير أصل، وتحرب المال، وتخرب الديار.
ثم خرج إلى الطائف، فكتب إليه المغيرة ن شعبه حين خرج من مكة إليها:
اما بعد، فقد بلغني مسيرك إلى الحجاز، ونزولك مكة، وشدتك على المريب، وعفوك عن المسئ، وإكرامك لأولي النهى، فحمدت رأيك في ذلك، فدم على صالح ما كنت عليه، فان الله عزو جل لن يزيد بالخير أهله الا خيرا، جعلنا الله وإياك من الامرين بالمعروف، والقاصدين إلى الحق، والذاكرين الله كثيرا.
قال: ووجه رجلا من قريش إلى تباله: وبها قوم من شيعة علي عليه السلام، وأمره بقتلهم، فأخذهم، وكلم فيهم وقيل له: هؤلاء قومك، فكف عنهم حتى نأتيك بكتاب من بسر بأمانهم، فحبسهم. وخرج منيع الباهلي من عندهم إلى بسر وهو بالطائف، يستشفع إليه فيهم، فتحمل عليه بقوم من الطائف، فكلموه فيهم، وسألوه الكتاب بإطلاقهم، فوعدهم ومطلهم بالكتاب حتى ظن أنه قد قتلهم القرشي المبعوث لقتلهم، وان كتابه لا يصل إليهم حتى يقتلوا، ثم كتب لهم، فأتى منيع منزله، وكان قد نزل على امرأة بالطائف ورحله عندها، فلم يجدها في منزلها، فوطئ على ناقته بردائه، وركب فسار يوم الجمعة وليلة السبت لم ينزل عن راحلته قط، فأتاهم ضحوة، وقد اخرج القوم ليقتلوا، واستبطئ كتاب بسر فيهم، فقدم رجل منهم فضربه رجل من أهل الشام، فانقطع سيفه، فقال الشاميون بعضهم لبعض: شمسوا سيوفكم حتى تلين فهزوها. وتبصر منيع