سكنها، اللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا تحيي به بلدة ميتا واسقه مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا، قال: فما برحنا حتى أقبل قزع من السحاب فالتأم بعضه إلى بعض ثم مطرت عليهم سبعة أيام ولياليهن لا يقلع عن المدينة فأتاه المسلمون، فقالوا: يا رسول الله قد غرقت الأرض وتهدمت البيوت وانقطعت السبل فادع الله أن يصرفها عنا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر حتى بدت نواجذه، تعجبا لسرعة ملالة ابن آدم ثم رفع يديه ثم قال: حوالينا ولا علينا، اللهم على رؤوس الظراب ومنابت الشجر وبطون الأودية وظهور الآكام فتصدعت عن المدينة حتى كانت في مثل الترس يمطر مراعيها ولا يمطر فيها قطرة.
[2180] - حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي، ثنا عمي سعيد بن خيثم، ثنا مسلم الملائي، عن أنس بن مالك، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يصطبح، وأنشده:
اتيناك والعذراء تدمي لبانها * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وألقى بكفيه الفتى استكانة * من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفشل وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر ثم رفع يديه إلى السماء، فقال: اسقنا غيثا مغيثا مريا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رايث نافعا غير ضار تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحمي به الأرض بعد موتها، فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقها وجاء أهل البطاح يعجبون: يا رسول الله الغرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوالينا ولا علينا فانجاب السحاب عن السماء حتى أحدق بالمدينة كالإكليل، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لله أبو طالب، لو كان حيا قرت عيناه من ينشدنا قوله، فقام علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت لله يبزى محمد * ولما نقاتل دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل، فقام رجل من كنانة فقال: