أجرهم من الآخر ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم) وفى الرواية الثانية ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم الا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم قال أهل اللغة الاخفاق أن يغزو فلا يغنموا شيئا وكذلك كل طالب حاجة إذا لم تحصل فقد أخفق ومنه أخفق الصائد إذا لم يقع له صيد وأما معنى الحديث فالصواب الذي لا يجوز غيره أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم أو سلم ولم يغنم وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله منا من مات ولم يأكل من أجر شيئا ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها أي يجتنيها فهذا الذي ذكرنا هو الصواب وهو طاهر الحديث ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا فتعين حمله على ما ذكرنا وقد اختار القاضي عياض معنى هذا الذي ذكرناه بعد حكايته في تفسيره أقوالا فاسدة منها قول من زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح ولا يجوز أن ينقص ثوابهم بالغنيمة كما لم ينقص ثواب أهل بدر وهم أفضل المجاهدين وهي أفضل غنيمة قال وزعم بعض هؤلاء أن أبا هانئ حميد بن هانئ راوية مجهول ورجحوا الحديث السابق في أن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة فرجحوه على هذا الحديث لشهرته وشهرة رجاله ولأنه في الصحيحين وهذا في مسلم خاصة وهذا القول باطل من أوجه فإنه لا تعارض بينه وبين هذا الحديث المذكور فان الذي في الحديث السابق رجوعه بما نال من أجر وغنيمة ولم يقل أن الغنيمة تنقص الاجر أم لا ولا قال أجره من لم يغنم فهو مطلق وهذا مقيد فوجب حمله عليه وأما قولهم أبو هانئ مجهول فغلط فاحش بل هو ثقة مشهور روى عنه الليث بن سعد وحياة وابن وهب وخلائق من الأئمة ويكفى في توثيقه احتجاج مسلم به في صحيحه وأما قولهم أنه
(٥٢)