يرجعه الله تعالى إلى جسده يوم القيامة قال القاضي وذكر في حديث مالك رحمه الله تعالى نسمة المؤمن وقال هنا الشهداء لأن هذه صفتهم لقوله تعالى بكر عند ربهم يرزقون فسره في هذا الحديث وأما غيرهم فأنما يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي كما جاء في حديث ابن عمر وكما قال في آل فرعون يعرضون عليها غدوا وعشيا قال القاضي بل المراد جميع المؤمنين الذين يدخلون الجنة بغير عذاب فيدخلونها الآن بدليل عموم الحديث وقيل بل أرواح المؤمنين على أفنية قبورهم والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث في جوف طير خضر وفى غير مسلم بطير خضر وفى حديث آخر بحواصل طير وفى الموطأ إنما نسمة المؤمن طير وفى حديث آخر عن قتادة في صورة طير أبيض قال القاضي قال بعض المتكلمين على هذا الأشبه صحة قول من قال طير أو صورة طير وهو أكثر ما جاءت به الرواية لا سيما مع قوله تأوى إلى قناديل تحت العرش قال القاضي واستبعد بعضهم هذا ولم ينكره آخرون وليس فيه ما ينكر ولا فرق بين الأمرين بل رواية طير أو جوف طير أصح معنى وليس للأقيسة والعقول في هذا حكم وكله من المجوزات فإذا أراد الله أن يجعل هذه الروح إذا خرجت من المؤمن أو الشهيد في قناديل أو أجوف طير أو حيث يشاء كان ذلك ووقع ولم يبعد لا سيما مع القول بأن الأرواح أجسام قال القاضي وقيل إن هذا المنعم أو المعذب من الأرواح جزء من الجسد تبقى فيه الروح وهو الذي يتألم ويعذب ويلتذ وينعم وهو الذي يقول رب ارجعون وهو الذي يسرح في شجر الجنة فغير مستحيل أن يصور هذا الجزء طائرا أو يجعل في جوف طائر وفى قناديل تحت العرش وغير ذلك مما يريد الله عز وجل قال القاضي وقد اختلف الناس في الروح ما هي اختلافا لا يكاد يحصر فقال كثير من أرباب المعاني وعلم الباطن المتكلمين لا تعرف حقيقته ولا يصح وصفه وهو مما جهل العباد علمه واستدلوا بقوله تعالى الروح من أمر ربى الفلاسفة فقالت بعدم الروح وقال جمهور الأطباء هو البخار اللطيف الساري في البدن وقال كثيرون من شيوخنا هو الحياة وقال آخرون هي أجسام لطيفة مشابكة للجسم يحيى لحياته أجرى الله تعالى العادة بموت الجسم عند فراقه وقيل هو بعض الجسم ولهذا وصف بالخروج والقبض وبلوغ الحلقوم وهذه صفة الأجسام لا المعاني وقال بعض مقدمي أئمتنا هو جسم لطيف متصور على صورة الإنسان داخل الجسم وقال بعض مشايخنا وغيرهم إنه النفس الداخل
(٣٢)