رواية نهى عن الشرب قائما قال قتادة قلنا فالأكل أشر أو أخبث وفى رواية عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما وفى رواية عنهم نهى عن الشرب قائما وفى رواية عن عمر بن حمزة قال أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقي وعن ابن عباس سيقت رسول الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم وفى الرواية الأخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم وفى صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه شرب قائما وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت على أن هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء حتى قال فيها أقوالا باطلة وزاد حتى تجاسر ورام أن يضعف بعضها وادعى فيها دعاوى باطلة لا غرض لنا في ذكرها ولاوجه لإشاعة الأباطيل والغلطات في تفسير السنن بل نذكر الصواب ويشار إلى التحذير من الاغترار بما خالفه وليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى اشكال ولا فيها ضعف بل كلها صحيحة والصواب فيها أن النهى فيها محمول على كراهة التنزيه وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز فلا اشكال ولا تعارض وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط غلطا فاحشا وكيف يصار إلى النسخ مع امكان الجمع بين الأحاديث لو ثبت التاريخ وأنى له بذلك والله أعلم فان قيل كيف يكون الشرب قائما مكروها وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالجواب أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانا للجواز لا يكون مكروها بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانا للجواز لا يكون عليه وسلم توضأ مرة مرة وطاف على بعير مع أن الاجماع على أن الوضوء ثلاث ثلاثا والطواف ماشيا أكمل ونظائر هذا غير منحصرة فكان صلى الله عليه وسلم ينبه على جواز الشئ مرة أو مرات ويواظب على الأفضل منه وهكذا كان أكثر وضوئه صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثلاثا وأكثر طوافه ماشيا وأكثر شربه جالسا وهذا واضح لا يتشكك فيه من له أدنى نسبة إلى علم والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم (فمن نسي فليستقئ) فمحمول على الاستحباب والندب فيستحب لمن شرب قائما أن يتقايأه لهذا الحديث الصحيح الصريح فان الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب وأما قول القاضي عياض لا خلاف بين أهل العلم أن من شرب ناسيا ليس عليه ان يتقايأه فأشار بذلك إلى تضعيف الحديث فلا يلتفت إلى إشارة وكون أهل العلم لم يوجبوا
(١٩٥)