يعرض على إنائه عودا أو يذكر اسم الله فليفعل فهذا ظاهر في أنه إنما يقتصر على العود عند عدم ما يغطيه به وذكر العلماء للأمر بالتغطية وفوائد منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث وهما صيانته من الشيطان فإن الشيطان لا يكشف غطاء ولا يحل سقاء وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة والفائدة الثالثة صيانته من النجاسة والمقذرات والرابعة صيانته من الحشرات والهوام فربما وقع شئ منها فيه فشربه وهو غافل أو في الليل فيتضرر به والله أعلم قوله (قال أبو حميد وهو الساعدي راوي هذا الحديث إنما أمر بالأسقية أن توكأ ليلا وبالأبواب أن تغلق ليلا) هذا الذي قاله أبو حميد من تخصيصها بالليل ليس في اللفظ ما يدل عليه والمختار عند الأكثرين من الأصوليين وهو مذهب الشافعي وغيره رضي الله عنهم أن تفسير الصحابي إذا كان خلاف ظاهر اللفظ ليس بحجة ولا يلزم غيره من المجتهدين موافقته على تفسيره وأما إذا لم يكن في ظاهر الحديث ما يخالفه بأن كان مجملا فيرجع إلى تأويله ويجب الحمل عليه لأنه إذا كان مجملا لا يحل له حمله على شئ إلا بتوقيف وكذا لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي عند الشافعي والأكثرين والأمر بتغطية الإناء عام فلا يقبل تخصيصه بمذهب الراوي بل يتمسك بالعموم وقوله في حديث جابر فجاء بقدح نبيذ هو محمول على ما سبق في الباب السابق أنه نبيذ لم يشتد ولم يصر مسكرا قوله (عن الأعمش عن أبي سفيان) اسم أبي سفيان طلحة بن نافع تابعي مشهور سبق
(١٨٣)