والمحدثين كافة وذهب أكثر أصحاب الفقه والأصول إلى أنه من طالت صحبته له صلى الله عليه وسلم قال الامام القاضي أبو الطيب الباقلاني لا خلاف بين أهل اللغة أن الصحابي مشتق من الصحبة جار على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا يقال صحبه شهرا ويوما وساعة قال وهذا يوجب في حكم اللغة اجراء هذا على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة هذا هو الأصل قال ومع هذا فقد تقرر للأمة عرف في أنهم لا يستعملونه الا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجرى ذلك على من لقى المرء ساعة ومشى معه خطوات وسمع منه حديثا فوجب أن لا يجرى في الاستعمال الا على من هذا حاله هذا كلام القاضي المجمع على أمانته وجلالته وفيه تقرير للمذهبين ويستدل به على ترجيح مذهب المحدثين فان هذا الامام قد نقل عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة فوجب المصير والله أعلم وأما التابعي ويقال فيه التابع فهو من لقى الصحابي وقيل من صحبه كالخلاف في الصحابي والاكتفاء هنا بمجرد اللقاء أولى نظرا إلى مقتضى اللفظين جرت عادة أهل الحديث بحذف قال ونحوه فيما بين رجال الاسناد في الخط وينبغي للقارئ أن يلفظ بها وإذا كان في الكتاب قرئ على فلان أخبرك فلان فليقل القارئ قرئ على فلان قيل له أخبرك فلان وإذا كان فيه قرئ على فلان أخبرنا فلان فليقل قرئ على فلان قيل له قلت أخبرنا فلان وإذا تكررت كلمة قال كقوله حدثنا صالح قال قال الشعبي فإنهم يحذفون إحداهما في الخط فليلفظ بهما القارئ فلو ترك القارئ لفظ قال في هذا كله فقد أخطأ والسماع صحيح للعلم بالمقصود ويكون هذا من الحذف لدلالة الحال عليه فصل إذا أراد رواية الحديث بالمعنى فإن لم يكن خبيرا بالألفاظ ومقاصدها عالما بما يحيل معانيها لم يجز له الرواية بالمعنى بلا خلاف بين أهل العلم بل يتعين اللفظ وإن كان عالما بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول لا يجوز مطلقا وجوزه بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجوزه فيه وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف المذكورة يجوز في الجميع إذا جزم بأنه أدى المعنى وهذا هو الصواب الذي تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم في روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة ثم هذا في الذي يسمعه في غير المصنفات أما المصنفات فلا يجوز تغييرها بالمعنى إذا وقع في الرواية
(٣٦)