الايمان في قلوبكم وذهب غيره إلى أن الاسلام والايمان شئ واحد واحتج بقوله تعالى من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين قال الخطابي وقد تكلم في هذا الباب رجلان من كبراء أهل العلم وصار كل واحد منهما إلى قول من هذين ورد الآخر منهما على المتقدم وصنف عليه كتابا يبلغ عدد أوراقه المئين قال الخطابي والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام في هذا ولا يطلق وذلك أن المسلم قد يكون مؤمنا في بعض الأحوال ولا يكون مؤمنا في بعضها والمؤمن مسلم في جميع الأحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيها ولم يختلف شئ منها وأصل الايمان التصديق وأصل الاسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مستسلما في الظاهر غير منقاد في الباطن وقد يكون صادقا في الباطن غير منقاد في الظاهر وقال الخطابي أيضا في قول النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة في هذا الحديث بيان أن الايمان الشرعي اسم لمعنى ذي شعب وأجزاء له أدنى وأعلى والاسم يتعلق ببعضها كما يتعلق بكلها والحقيقة تقتضي جميع شعبه وتستوفى جملة أجزائه كالصلاة الشرعية لها شعب وأجزاء والاسم يتعلق ببعضها والحقيقة تقتضي جميع أجزائها وتستوفيها ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم الحياء شعبة من الايمان وفيه اثبات التفاضل في الايمان وتباين المؤمنين في درجاته هذا آخر كلام الخطابي وقال الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي رحمه الله في حديث سؤال جبريل صلى الله عليه وسلم عن الايمان والاسلام وجوابه قال جعل النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام اسما لما ظهر من الاعمال وجعل الايمان اسما لما بطن من الاعتقاد وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الايمان والتصديق بالقلب ليس من الاسلام بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شئ واحد وجماعها الدين ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم والتصديق والعمل يتناولهما اسم الايمان والاسلام جميعا يدل عليه قوله سبحانه وتعالى الدين عند الله الاسلام لكم الاسلام دينا يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه فأخبر سبحانه وتعالى أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الاسلام ولا يكون الدين في محل القبول والرضا الا بانضمام التصديق إلى العمل هذا كلام البغوي وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني الشافعي رحمه
(١٤٥)