المحققون فنقر أولا أن مذهب أهل السنة بأجمعهم من السلف الصالح وأهل الحديث والفقهاء والمتكلمين على مذهبهم من الأشعريين أن أهل الذنوب في مشيئة الله تعالى وأن كل من مات على الايمان وتشهد مخلصا من قلبه بالشهادتين فإنه يدخل الجنة فإن كان تائبا أو سليما من المعاصي دخل الجنة برحمة ربه وحرم على النار بالجملة فان حملنا اللفظين الواردين على هذا فيمن هذه صفته كان بينا وهذا معنى تأويلي الحسن والبخاري وإن كان هذا من المخلطين بتضييع ما أوجب الله تعالى عليه أو بفعل ما حرم عليه فهو في المشيئة لا يقطع في أمره بتحريمه على النار ولا باستحقاقه الجنة لأول وهلة بل يقطع بأنه لابد من دخوله الجنة آخرا وحاله قبل ذلك في خطر المشيئة إن شاء الله تعالى عذبه بذنبه وان شاء عفا عنه بفضله ويمكن أن تستقل الأحاديث بنفسها ويجمع بينها فيكون المراد باستقاق الجنة ما قدمناه من اجماع أهل السنة أنه لا بد من دخولها لكل موحد أما معجلا معافى وأما مؤخرا بعد عقابه والمراد بتحريم النار تحريم الخلود خلافا للخوارج والمعتزلة في المسئلتين ويجوز في حديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه وإن كان قبل مخلطا فيكون سببا لرحمة الله تعالى إياه ونجاته رأسا من النار وتحريمه عليها بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين وكذلك ما ورد في حديث عبادة من مثل هذا ودخوله من أي أبواب الجنة شاء يكون خصوصا لمن قال ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وقرن بالشهادتين حقيقة الايمان والتوحيد الذي ورد في حديثه فيكون له من الاجر ما يرجح على سيئاته ويوجب له المغفرة والرحمة ودخول الجنة لأول وهلة إن شاء الله تعالى والله أعلم هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله وهو في نهاية الحسن وأما ما حكاه عن ابن المسيب وغيره فضعيف باطل وذلك لان راوي أحد هذه الأحاديث أبو هريرة رضي الله عنه وهو متأخر الاسلام أسلم عام خيبر سنة سبع بالاتفاق وكانت أحكام الشريعة مستقرة وأكثر هذه الواجبات كانت فروضها مستقرة وكانت الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من الاحكام قد تقرر فرضها وكذا الحج على قول من قال فرض سنة خمس أو ست وهما أرجح من قول من قال سنة تسع والله أعلم وذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى تأويلا آخر في الظواهر الواردة بدخول الجنة بمجرد الشهادة فقال يجوز أن يكون ذلك اقتصارا من بعض الرواة نشأ من
(٢٢٠)