وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها الا أتى به فقال صلى الله عليه وسلم اعبد الله في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان فان التتميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه فلا يقدم العبد على تقصير في هذا الحال للاطلاع عليه وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد فينبغي أن يعمل بمقتضاه فمقصود الكلام الحث على الاخلاص في العبادة ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في اتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشئ من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله تعالى مطلعا عليه في سره وعلانيته قال القاضي عياض رحمه الله وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الايمان وأعمال الجوارح وخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال حتى أن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه قال وعلى هذا الحديث وأقسامه الثلاثة ألفنا كتابنا الذي سميناه بالمقاصد الحسان فيما يلزم الانسان إذ لا يشذ شئ من الواجبات والسنن والرغائب والمحظورات والمكروهات عن أقسامه الثلاثة والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) فيه أنه ينبغي للعالم والمفتى وغيرهما إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم وأن ذلك لا ينقصه بل يستدل به على ورعه وتقواه ووفور علمه وقد بسطت هذا بدلائله وشواهده وما يتعلق به في مقدمة شرح المهذب المشتملة على أنواع من الخير لا بد لطالب العلم من معرفة مثلها وإدامة النظر فيه والله أعلم قوله (فأخبرني عن أماراتها) هو بفتح الهمزة والأمارة والأمار باثبات الهاء وحذفها هي العلامة قوله صلى الله عليه وسلم (أن تلد الأمة ربتها) وفى الرواية الأخرى ربها على التذكير وفى الأخرى بعلها وقال يعنى السراري ومعنى ربها وربتها سيدها ومالكها وسيدتها ومالكتها قال الأكثرون من العلماء هو اخبار عن كثرة السراري وأولادهن فان ولدها من سيدها بمنزلة سيدها لأن مال الانسان صائر إلى ولده وقد يتصرف فيه في الحال تصرف
(١٥٨)