الله في كتابه التحرير في شرح صحيح مسلم الايمان في اللغة هو التصديق فان عنى به ذلك فلا يزيد ولا ينقص لأن التصديق ليس شيئا يتجزأ حتى يتصور كماله مرة ونقصه أخرى والايمان في لسان الشرع هو التصديق بالقلب والعمل بالأركان وإذا فسر بهذا تطرق إليه الزيادة والنقص وهو مذهب أهل السنة قال فالخلاف في هذا على التحقيق إنما هو أن المصدق بقلبه إذا لم يجمع إلى تصديقه العمل بمواجب الايمان هل يسمى مؤمنا مطلقا أم لا والمختار عندنا أنه لا يسمى به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن لأنه لم يعمل بموجب الايمان فيستحق هذا الاطلاق هذا آخر كلام صاحب التحرير وقال الإمام أبو الحسن علي بن خلف بن بطال المالكي المغربي في شرح صحيح البخاري مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الايمان قول وعمل يزيد وينقص والحجة على زيادته ونقصانه ما أورده البخاري من الآيات يعنى قوله عز وجل ايمانا مع ايمانهم وقوله تعالى هدى وقوله تعالى الله الذين اهتدوا هدى وقوله تعالى اهتدوا زادهم هدى وقوله تعالى ويزداد الذين آمنوا ايمانا وقوله تعالى زادته هذه ايمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وقوله تعالى فزادهم ايمانا وقوله تعالى زادهم الا ايمانا وتسليما قال ابن بطال فايمان من لم تحصل له الزيادة ناقص قال فان قيل الايمان في اللغة التصديق فالجواب أن التصديق يكمل بالطاعات كلها فما ازداد المؤمن من أعمال البر كان ايمانه أكمل وبهذه الجملة يزيد الايمان وبنقصانها ينقص فمتى نقصت أعمال البر نقص كمال الايمان ومتى زادت زاد الايمان كمالا هذا توسط القول في الايمان وأما التصديق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا ينقص ولذلك توقف مالك رحمه الله في بعض الروايات عن القول بالنقصان إذ لا يجوز نقصان التصديق لأنه إذا نقص صار شكا وخرج عن اسم الايمان وقال بعضهم إنما توقف مالك عن القول بنقصان الايمان خشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج الذين يكفرون أهل المعاصي من المؤمنين بالذنوب وقد قال مالك بنقصان الايمان مثل قول جماعة أهل السنة قال عبد الرزاق سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثوري ومالك بن أنس وعبيد الله بن عمر والأوزاعي ومعمر بن راشد وابن جريح وسفيان بن عيينة يقولون الايمان قول وعمل يزيد وينقص وهذا قول ابن مسعود وحذيفة والنخعي والحسن البصري وعطاء وطاوس ومجاهد وعبد الله بن المبارك فالمعنى
(١٤٦)