واختار ذكرها وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه بخلاف البخاري فإنه يذكر تلك الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة وكثير منها يذكره في غير بابه الذي يسبق إلى الفهم انه أولى به وذلك لدقيقة يفهمها البخاري منه فيصعب على الطالب جمع طرقه وحصول الثقة بجميع ما ذكره البخاري من طرق هذا الحديث وقد رأيت جماعة من الحفاظ المتأخرين غلطوا في مثل هذا فنفوا رواية البخاري أحاديث هي موجودة في صحيحه في غير مظانها السابقة إلى الفهم والله أعلم ومما جاء في فضل صحيح مسلم ما بلغنا عن مكي بن عبدان أحد حفاظ نيسابور أنه قال سمعت مسلم بن الحجاج رضي الله عنه يقول لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند يعني صحيحه قال وسمعت مسلما يقول عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته وكل ما قال أنه صحيح وليس له علة خرجته وذكر غيره ما رواه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي باسناده عن مسلم رحمه الله قال صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة فصل قال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله شرط مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن يكون الحديث متصل الاسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ والعلة قال وهذا حد الصحيح فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بين أهل الحديث وما اختلفوا في صحته من الأحاديث فقد يكون سبب اختلافهم انتفاء شرط من هذه الشروط وبينهم خلاف في اشتراطه كما إذا كان بعض الرواة مستورا أو كان الحديث مرسلا وقد يكون سبب اختلافهم أنه هل اجتمعت فيه هذه الشروط أم انتفى بعضها وهذا هو الأغلب في ذلك كما إذا كان الحديث في رواته من اختلف في كونه من شرط الصحيح فإذا كان الحديث رواته كلهم ثقات غير أن فيهم أبا الزبير المكي مثلا أو سهيل بن أبي صالح أو العلاء بن عبد الرحمن أو حماد بن سلمة قالوا فيه هذا حديث صحيح على شرط مسلم وليس بصحيح على شرط البخاري لكون هؤلاء عند مسلم ممن اجتمعت فيهم الشروط المعتبرة ولم يثبت عند البخاري ذلك فيهم وكذا حال البخاري فيما خرجه من حديث عكرمة مولى ابن عباس وإسحاق ابن محمد الفروي وعمرو بن مرزوق وغيرهم ممن احتج بهم البخاري ولم يحتج بهم مسلم قال
(١٥)