ينظر هل رواة ثقة غير حماد عن أيوب أو عن ابن سيرين غير أيوب أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين أو عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة فأي ذلك وجد علم أن له أصلا يرجع إليه فهذا النظر والتفتيش يسمى اعتبارا وأما المتابعة فأن يرويه عن أيوب غير حماد أو عن ابن سيرين غير أيوب أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين أو عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة فكل واحد من هذه الاقسام يسمى متابعة وأعلاها الأولى وهي متابعة حماد في الرواية عن أيوب ثم ما بعدها على الترتيب وأما الشاهد فأن يروى حديث آخر بمعناه وتسمى المتابعة شاهدا ولا يسمى الشاهد متابعة وإذا قالوا في نحو هذا تفرد به أبو هريرة أو ابن سيرين أو أيوب أو حماد كان مشعرا بانتفاء وجوه المتابعات كلها واعلم أنه يدخل في المتابعات والاستشهاد رواية بعض الضعفاء ولا يصلح لذلك كل ضعيف وإنما يفعلون هذا لكون التابع لا اعتماد عليه وإنما الاعتماد على من قبله وإذا انتفت المتابعات وتمحض فردا فله أربعة أحوال حال يكون مخالفا لرواية من هو أحفظ منه فهذا ضعيف ويسمى شاذا ومنكرا وحال يكون مخالفا ويكون هذا الراوي حافظا ضابطا متقنا فيكون صحيحا وحال يكون قاصرا عن هذا ولكنه قريب من درجته فيكون حديثه حسنا وحال يكون بعيدا عن حاله فيكون شاذا ومنكرا مردودا فتحصل أن الفرد قسمان مقبول ومردود والمقبول ضربان فرد لا يخالف وراويه كامل الأهلية وفرد هو قريب منه والمردود أيضا ضربان فرد مخالف للأحفظ وفرد ليس في رواية من الحفظ والاتقان ما يجبر تفرده والله فصل في حكم المختلط إذا خلط الثقة لاختلال ضبطه بحرف أو هرم أو لذهاب بصره أو نحو ذلك قبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ بعد الاختلاط أو شككنا في وقت أخذه فمن المخلطين عطاء بن السائب وأبو إسحاق السبيعي وسعيد الجريري وسعيد بن أبي عروبة وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وربيعة أستاذ مالك وصالح مولى التؤمة وحصين بن عبد الوهاب الكوفي وسفيان بن عيينة قال يحيى القطان أشهد أنه اختلط سنة سبع وتسعين وتوفى سنة تسع وتسعين وعبد الرزاق بن همام عمى في آخر عمره فكان يتلقن وعارم اختلط آخرا واعلم أن ما كان من هذا القبيل محتجا به في الصحيحين فهو مما علم أنه أخذ قبل الاختلاط
(٣٤)