لم يكن الامام في السرية الغازية وفى هذا تفصيل وفروع سننبه عليها في بابها أن وصلناه إن شاء الله تعالى ويقال خمس بضم الميم واسكانها وكذلك الثلث والربع والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر بضم ثانيها ويسكن والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم وأنها كم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير وفى رواية المزفت بدل المقير فنضبطه ثم نتكلم على معناه إن شاء الله تعالى فالدباء بضم الدال وبالمد وهو القرع اليابس أي الوعاء منه وأما الحنتم فبحاء مهملة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة ثم ميم الواحدة حنتمة وأما النقير فبالنون المفتوحة والقاف وأما المقير فبفتح القاف والياء فاما الدباء فقد ذكرناه وأما الحنتم فاختلف فيها فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر وهذا التفسير ثابت في كتاب الأشربة من صحيح مسلم عن أبي هريرة وهو قول عبد الله بن مغفل الصحابي رضي الله عنه وبه قال الأكثرون أو كثيرون من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء والثاني أنها الجرار كلها قاله عبد الله بن عمر وسعيد بن جبير وأبو سلمة والثالث أنها جرار يؤتى بها من مصر مقيرات الأجواف وروى ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه ونحوه عن ابن أبي ليلى وزاد أنها حمر والرابع عن عائشة رضي الله عنها جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر والخامس عن ابن أبي ليلى أيضا أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر والسادس عن عطاء جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم وأما النقير فقد جاء في تفسيره في الرواية الأخيرة أنه جذع ينقر وسطه وأما المقير فهو المزفت وهو المطلى بالقار وهو الزفت وقيل الزفت نوع من القار والصحيح الأول فقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال المزفت هو المقير وأما معنى النهى عن هذه الأربع فهو أنه نهى عن الانتباذ فيها وهو أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب وإنما خصت هذه بالنهي لأنه يسرع إليه الاسكار فيها فيصير حرما نجسا وتبطل ماليته فنهى عنه لما فيه من اتلاف المال ولأنه ربما شربه بعد اسكاره من لم يطلع عليه ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الادم بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر بل إذا صار مسكرا شقها غالبا ثم إن هذا النهى كان في أول الأمر ثم نسخ بحديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت نهيتكم عن الانتباذ الا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا رواه مسلم في الصحيح هذا الذي ذكرناه من
(١٨٥)