والايمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر بالقدر خيره وشره قال هذا بيان لأصل الايمان وهو التصديق الباطن وبيان أصل الاسلام وهو الاستسلام والانقياد وحكم الاسلام في الظاهر ثبت بالشهادتين وإنما أضاف اليهما الصلاة والزكاة والحج والصوم لكونها أظهر شعائر الاسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده أو اختلاله ثم إن اسم الايمان يتناول ما فسر به الاسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات للتصديق الباطن الذي هو أصل الايمان ومقويات ومتممات وحافظات له ولهذا فسر صلى الله عليه وسلم الايمان في حديث وفد عبد القيس بالشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان واعطاء الخمس من المغنم ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو بدل فريضة لأن اسم الشئ مطلقا يقع على الكامل منه ولا يستعمل في الناقص ظاهرا الا بقيد ولذلك جاز اطلاق نفيه عنه في قوله صلى الله عليه وسلم لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن واسم الاسلام يتناول أيضا ما هو أصل الايمان وهو التصديق الباطن ويتناول أصل الطاعات فان ذلك كله استسلام قال فخرج مما ذكرناه وحققنا أن الايمان والاسلام يجتمعان ويفترقان وأن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا قال وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة في الايمان والاسلام التي طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو بن الصلاح فإذا تقرر ما ذكرناه من مذاهب السلف وأئمة الخلف فهي متظاهرة متطابقة على كون الايمان يزيد وينقص وهذا مذهب السلف والمحدثين وجماعة من المتكلمين وأنكر أكثر المتكلمين زيادته ونقصانه وقالوا متى قبل الزيادة كان شكا وكفرا قال المحققون من أصحابنا المتكلمين نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص والايمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الاعمال ونقصانها قالوا وفى هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف وبين أصل وضعه في اللغة وما عليه المتكلمون وهذا الذي قاله هؤلاء وإن كان ظاهرا حسنا فالأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة ولهذا يكون ايمان الصديقين أقوى من ايمان غيرهم بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل ايمانهم بعارض بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة وان اختلفت عليهم
(١٤٨)