قوله صلى الله عليه وسلم الا أن تطوع استثناء منقطع ومعناه لكن يستحب لك أن تطوع وجعله بعض العلماء استثناء متصلا واستدلوا به على أن من شرع في صلاة نفل أو صوم نفل وجب عليه اتمامه ومذهبنا أنه يستحب الاتمام ولا يجب والله أعلم قوله (فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح ان صدق) قيل هذا الفلاح راجع إلى قوله لا أنقص خاصة والا ظهر أنه عائد إلى المجموع بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحا لأنه أتى بما عليه ومن أتى بما عليه فهو مفلح وليس في هذا أنه إذا أتى بزائد لا يكون مفلحا لأن هذا مما يعرف بالضرورة فإنه إذا أفلح بالواجب فلأن يفلح بالواجب والمندوب أولى فان قيل كيف قال لا أزيد على هذا وليس في هذا الحديث جميع الواجبات ولا المنهيات الشرعية ولا السنن المندوبات فالجواب أنه جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث زيادة توضح المقصود قال فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الاسلام فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله تعالى على شيئا فعلى عموم قوله بشرائع الاسلام وقوله مما فرض الله على يزول الاشكال في الفرائض وأما النوافل فقيل يحتمل أن هذا كان قبل شرعها وقيل يحتمل أنه أراد لا أزيد في الفرض بتغير صفته كأنه يقول لا أصلى الظهر خمسا وهذا تأويل ضعيف ويحتمل أنه أراد أنه لا يصلى النافلة مع أنه لا يخل بشئ من الفرائض وهذا مفلح بلا شك وان كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة وترد بها الشهادة الا أنه ليس بعاص بل هو مفلح ناج والله أعلم واعلم أنه لم يأت في هذا الحديث ذكر الحج ولا جاء ذكره في حديث جبريل من رواية أبي هريرة وكذا غير هذا من هذه الأحاديث لم يذكر في بعضها
(١٦٧)