في غير مسلم يتفقون بتقديم القاف وحذف الراء وهو صحيح أيضا ومعناه أيضا يتتبعون قال القاضي عياض ورأيت بعضهم قال فيه يتقعرون بالعين وفسره بأنهم يطلبون قعره أي غامضه وخفيه ومنه تقعر في كلامه إذا جاء بالغريب منه وفى رواية أبى يعلى الموصلي يتفقهون بزيادة الهاء وهو الظاهر قوله (وذكر من شأنهم) هذا الكلام من كلام بعض الرواة الذين دون يحيى بن يعمر والظاهر أنه من ابن بريدة الراوي عن يحيى بن يعمر يعنى وذكر ابن يعمر من حال هؤلاء ووصفهم بالفضيلة في العلم والاجتهاد في تحصيله والاعتناء به قوله (يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف) هو بضم الهمزة والنون أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى وإنما يعلمه بعد وقوعه كما قدمنا حكايته عن مذهبهم الباطل وهذا القول قول غلاتهم وليس قول القدرية وكذب قائله وضل وافترى عافانا الله وسائر المسلمين قوله (قال يعنى ابن عمر رضي الله عنهما فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أنى برئ منهم وأنهم برآء منى والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) هذا الذي قاله ابن عمر رضي الله عنهما ظاهر في تكفيره القدرية قال القاضي عياض رحمه الله هذا في القدرية الأول الذين نفوا تقدم علم الله تعالى بالكائنات قال والقائل بهذا كافر بلا خلاف وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة في الحقيقة قال غيره ويجوز أنه لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج من الملة فيكون من قبيل كفران النعم الا أن قوله ما قبله الله منه ظاهر في التكفير فان احباط الاعمال إنما يكون بالكفر الا أنه يجوز أن يقال في مسلم لا يقبل عمله لمعصيته وإن كان صحيحا كما أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة غير محوجة إلى القضاء عند جماهير العلماء بل باجماع السلف وهي غير مقبولة فلا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا والله أعلم وقوله فأنفقه يعنى في سبيل الله تعالى أي طاعته كما جاء في رواية أخرى قال نفطويه
(١٥٦)