سياقته وترتيبه فإنه سأل أولا عن صانع المخلوقات من هو ثم أقسم عليه به أن يصدقه في كونه رسولا للصانع ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله وهذا ترتيب يفتقر إلى عقل رصين ثم إن هذه الأيمان جرت للتأكيد وتقرير الأمر لا لافتقاره إليها كما أقسم الله تعالى على أشياء كثيرة هذا كلام صاحب التحرير القاضي عياض والظاهر أن هذا الرجل لم يأت الا بعد اسلامه وإنما جاء مستثبتا ومشافها للنبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم وفى هذا الحديث جمل من العلم غير ما تقدم منها أن الصلوات الخمس متكررة في كل يوم وليلة وهو معنى قوله في يومنا وليلتنا وأن صوم شهر رمضان يجب في كل سنة قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله وفيه دلالة لصحة ما ذهب إليه أئمة العلماء من أن العوام المقلدين مؤمنين وأنه يكتفى منهم بمجرد اعتقاد الحق جزما من غير شك وتزلزل خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة وذلك أنه صلى الله عليه وسلم قرر ضماما على ما اعتمد عليه في تعريف رسالته وصدقه ومجرد اخباره إياه بذلك ولم ينكر عليه ذلك ولا قال يجب عليك معرفة ذلك بالنظر في معجزاتي والاستدلال بالأدلة القطعية هذا كلام الشيخ وفى هذا الحديث العمل بخبر الواحد وفيه غير ذلك والله أعلم
(١٧١)