وحرثها وزرع الزرع فيها) فانتفخ موسى حتى كاد ان يتقد، ثم قال: وما أنت وذا قال: اسمع حتى أخبرك، اعلم اني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة، فلما صرت بقنطرة الكوفة، اعترضتني خنازير عشرة تريدني، فأعانني الله برجل من بني أسد كنت أعرفه فدفعها عني، فمضيت لوجهي، فلما صرت إلى ساهي (15) ضللت الطريق، فرأيت هناك عجوزا فقالت لي: أين تريد أيها الشيخ؟ قلت: أريد الغاضرية. قالت لي: تنظر هذا الوادي فإنك إذا أتيت آخره اتضح لك الطريق. فمضيت ففعلت ذلك، فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت: من أين أنت أيها الشيخ؟ فقال لي: أنا من أهل هذه القرية. فقلت: كم تعد من السنين فقال: ما أحفظ ما مضى من سنيي وعمري، ولكن أبعد ذكري اني رأيت الحسين بن علي عليهما السلام، ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه، ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه. فاستعظمت ذلك، وقلت له: ويحك أنت رأيت هذا؟ قال: اي والذي سمك السماء، لقد رأيت هذا أيها الشيخ وعاينته، وانك وأصحابك هم الذين يعينون على ما قد رأينا مما أقرح عيون المسلمين - إن كان في الدنيا مسلم - فقلت: ويحك وما هو؟ قال: حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه. قلت: ما أجرى إليه؟ قال: أيكرب قبر ابن النبي (ص) ويحرث أرضه؟ قلت: وأين القبر؟ قال: ها هو ذا أنت واقف في أرضه، فاما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.
قال أبو بكر بن عياش: وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قط، ولا أتيته في طول عمري، فقلت: من لي بمعرفته؟ فمضى الشيخ معي حتى وقف لي على حير له باب وآذن، وإذا جماعة كثيرة على الباب، فقلت