في وقف أمواله، وقف فيها عين أبي نيزر والبغيبغة لا شاهد له، أو انه غلط على ما يقوله المبرد، ما أن قول المبرد: (لان وقفه هذين الموضعين كان لسنتين من خلافته) أيضا بلا شاهد، بل غلط لقيام الشاهد على خلافه إذ رواية المبرد هذه ناطقة بأن أمير المؤمنين (ع) جاء إلى أبي نيزر عند قيامه بالضيعتين، فدخل عليه في الضيعتين، وطلب منه الطعام فقدم إليه أبو نيزر، من قرع الضيعتين، فتناوله (ع) وغسل يده بتراب الضيعة ومائها، وشرب من مائها، ثم أخذ المعول وجعل يضرب في العين بتمام الجهد حتى انثالت كعنق الجزور، فخرج (ع) مسرعا وأجرى صيغة الوقف، فطلب الدواة والصحيفة من أبي نيزر، فكتب كتاب الوقف فورا، فكيف يكون وقفه (ع) لهذين الموضعين لسنتين من خلافته، مع العلم والاتفاق على أنه (ع) خرج بعد أشهر قليلة - أربعة أو خمسة - من خلافته عن المدينة المشرفة، ولم يعد إليها، حتى قبضه الله تعالى إليه شهيدا مظلوما، فقول المبرد في غاية السقوط، والظاهر من رواية المبرد هذا، أن وقفه (ع) لهذين الموضعين كان في بدء خلافته قبل خروجه إلى البصرة، ويحتمل بعيدا أنه كان قبل أيام خلافته.
(١٦)