أين خياركم وصلحاؤكم وأين أحراركم وسمحاؤكم وأين المتورعون في مكاسبهم والمتنزهون في مذاهبهم أليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدنيا الدنية والعاجلة المنقضية وهل خلفتم إلا في حثالة لا تلتقي بذمهم الشفتان استصغارا لقدرهم وذهابا عن ذكرهم فإنا لله وإنا إليه راجعون ظهر الفساد فلا منكر مغير ولا زاجر مزدجر أفبهذا تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه وتكونوا أعز أوليائه عنده هيهات لا يخدع الله عن جنته ولا تنال مرضاته إلا بطاعته لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له والناهين عن المنكر العاملين به (1).
[3702] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... فإن المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت ويغرى بها لئام الناس كان كالفالج الياسر الذي ينتظر أول فوزة من قداحة توجب له المغنم ويرفع بها عنه المغرم وكذلك المرء المسلم البرىء من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنين: إما داعي الله فما عند الله خير له وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه... (2).
[3703] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... ثم إنكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت فاتقوا سكرات النعمة واحذروا بوائق النقمة وتثبتوا في قتام العشوة واعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها وظهور كمينها وانتصاب قطبها ومدار رحاها تبدأ في مدارج خفية وتؤول إلى فظاعة جلية شبابها كشباب الغلام وآثارها كآثار السلام يتوارثها الظلمة بالعهود أولهم قائد لآخرهم وآخرهم مقتد بأولهم يتنافسون في دنيا دنية ويتكالبون على جيفة مريحة وعن قليل يتبرأ التابع من المتبوع والقائد من المقود فيتزايلون بالبغضاء ويتلاعنون عند اللقاء (3).