المؤمنين فيها لوافر، إن أهل بيت أمير المؤمنين لأكثر من شهد بدرا، فشهدها من بني عبد شمس ستة عشر رجلا من أنفسهم وحلفائهم ومواليهم، وحليف القوم منهم، ومولى القوم منهم، وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعماله من بني أمية أربعة (1):
عتاب بن أسيد على مكة، وأبان بن سعيد على البحرين، وخالد بن سعيد على اليمن، وأبو سفيان بن حرب على نجران، عاملا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ولكني رأيت أمير المؤمنين كره من ذلك شيئا، فما كره فلا تخالفه. ثم قال قبيصة:
لقد رأيتني، وأنا وهو - يعني عبد الملك - وعدة من أبناء المهاجرين ما لنا علم غير ذلك حتى أحكمناه، ثم نظرنا بعد في الحلال والحرام. فقال سليمان: يا أبا إسحاق ألا تخبرني عن هذا البغض من أمير المؤمنين وأهل بيته لهذا الحي من الأنصار، وحرمانهم إياهم، لم كان؟ فقال: يا ابن أخي، أول ما أحدث ذلك معاوية بن أبي سفيان، ثم أحدثه أبو عبد الملك، ثم أحدثه أبوك. فقال: علام ذلك؟ قال: فوالله ما أريد به إلا لأعلمه وأعرفه! فقال: لأنهم قتلوا قوما من قومهم، وما كان من خذلانهم عثمان، رضي الله عنه، فحقدوه عليهم، وحنقوه وتوارثوه، وكنت أحب لأمير المؤمنين أن يكون على غير ذلك لهم، وأن أخرج من مالي، فكلمه، فقال سليمان:
أفعل والله. فكلمه وقبيصة حاضر، فأخبره قبيصة بما كان من محاورتهم، فقال عبد الملك: والله ما أقدر على غير ذلك، فدعونا من ذكرهم فأسكت القوم "! وحكى الزهري (2): " أن عبد الملك رأى عند بعض ولده حديث المغازي فأمر به فأحرق، وقال: عليك بكتاب الله فاقرأه، والسنة فاعرفها واعمل بها " (3).