" كتابه (عليه السلام) إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه " كفانا الله وإياك من الفتن ورحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك، وأطال من عمرك وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه وفقهك فيه من دينه، وعرفك من سنة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرض لك في كل نعمة أنعم بها عليك وفي كل حجة احتج بها عليك الفرض فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك وأبدى فيه فضله عليك فقال: * (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) * (1).
فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها وعن حججه عليك كيف قضيتها ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير ولا راضيا منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال: * (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) * (2) واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت وإجابتك له حين دعيت، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة، إنك أخذت