محو السنة أو تدوينها - حسين غيب غلامي - الصفحة ١١٨
وكان أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الحولاني الدمشقي المتوفى سنة ثمانين (1) من علماء أهل الشام وقرائهم، ومن عبادهم وفقهائهم، " وكان واعظ أهل دمشق وقاصهم وقاضيهم (2) " في خلافة عبد الملك بن مروان، فعزله عن القصص، وأقره على القضاء، فقال (3): عزلتموني عن رغبتي، وتركتموني في رهبتي ". ويبدو أنه عزله عن القصص لأنه هاجم الخلفاء الأمويين، وطعن عليهم، وربما أشار إلى خروجهم على السنة، وذكر مخافتهم لها، فإنه كان يتمسك بها أوثق التمسك، ويصدر عنها أدق الصدور، وكان لا يسكت عن الضلالة أقصر السكوت، ولا يصبر عليها أقل الصبر، بل كان يرفضها أشد الرفض، وينكرها أقوى الإنكار، وكان يجد في محوها واستئصالها أعظم الجد، ويشمر لإزالتها وإبطالها أصدق التشمير.
طمس ماضي الأمويين في أول الإسلام وكان الخلفاء الأمويون يعلمون أنهم ليس لهم نصيب من المغازي والسير، لأنهم صدوا عن سبيل الله، وناصبوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) العداء، وصبوا عليه وعلى من آمن برسالته أصناف العذاب، وقتل منهم من قتل وهم يدافعون عن أوثانهم وسلطانهم في أول الدعوة، ولم يدخلوا في الإسلام إلا بعد فتح مكة،

(١) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧ / ٤٤٨، طبقات خليفة بن خياط ص: ٧٨٩، والتاريخ الكبير: ٤ / ١ / ٨٣، والجرح والتعديل: ٣ / ٢ / ٣٧، وتاريخ أبي زرعة: ص ٤١٣، وتاريخ داريا: ص ١٠٩، وحلية الأولياء: ٥ / ١٢٢، والاستيعاب: ص ١٥٩٤، وتاريخ دمشق حرف العين من عاصم إلى عائذ ص: ٤٨٥، وأسد الغابة: ٥ / ١٣٤، والبداية والنهاية: ٩ / ٣٤، وتذكره الحفاظ: ١ / ٥٦، وتهذيب التهذيب: ٥ / ٨٥، وتقريب التهذيب: ١ / ٣٩٠، والنجوم الزاهرة: ١ / ٢٠٨، والقضاة الشافعية للنعيمي: ص ٥، وشذرات الذهب: ١ / ٨٨.
(٢) تذكرة الحفاظ: ١ / ٥٦، وتهذيب التهذيب: ٥ / ٨٥.
(٣) تاريخ دمشق حرف العين من عاصم إلى عايذ: ص ٥٢٢، وتذكرة الحفاظ: ١ / 57.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست