قال أبن منظور (1): " في الخبر: أن عبد الملك بن مروان أشرف على أصحابه وهم يذكرون سيرة عمر، فغاظه ذلك، فقال: إيها (2) عن ذكر عمر، فإنه إزراء على الولاة، مفسدة للرعية "!
وقال ابن كثير (3): " سمع عبد الملك جماعة من أصحابه يذكرون سيرة عمر بن الخطاب، فقال: أنهى عن ذكر عمر، فإنه مرارة للأمراء، مفسدة للرعية "!.
وقاوم عبد الملك بن مروان القصص الذي نسج حول المغازي، كما قاوم الأحاديث التي تقدح في خلافة الأمويين، إذ قال لأهل المدينة بعد أن أقام الحج سنة خمس وسبعين (4): " يا أهل المدينة، إن أحق الناس أن يلزم الأمر الأول لأنتم، وقد سالت علينا أحاديث من قبل هذا المشرق لا نعرفها (5) ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن، فالزموا ما في مصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم، وعليكم بالفرائض التي جمعكم عليها إمامكم المظلوم، فإنه قد استشار في ذلك زيد بن ثابت، ونعم المشير كان للإسلام فأحكما ما أحكما، وأسقطا ما شذ عنهما ".
وجعل الخلفاء الأمويون القصص من الوظائف الرسمية، لأنهم كانوا يخافون أخطاره السياسية، واختاروا لهذه الوظيفة قصاص الذين كانوا يثقون بهم، ويطمئنون إليهم، ولكنهم ظلوا يراقبونهم ويحاسبونهم، ويقصون من ينتقدهم ويعرض بهم.