العراق يومذاك، فنجد فيه قرى صغيرة منتشرة على شواطئ الأنهر يسكنها المزارعون من العرب والفرس، وكبراها الحيرة وكان يسكنها ملوكهم المناذرة. وكان عدد رجالها ستة آلاف عندما أحصاهم خالد وألزم كل واحد منهم بدفع أربعة عشر درهما سنويا حسب رواية البلاذري. فإذا كان عدد رجال حاضرتهم ستة آلاف فكم يكون عدد رجال سائر قراها؟
ثانيا: لمعرفة طبيعة المعارك التي دارت رحاها في السواد يومذاك نرجع إلى الدينوري فنجده يقول في الاخبار الطوال ما موجزه:
لما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى شاع أنه لا ملك لأرض فارس وإنما يلوذون بباب امرأة. فأقبل رجلان من بكر بن وائل يغيران على الدهاقين فيأخذان ما قدرا عليه فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد، يقال لأحدهما المثنى وكان يغير من ناحية الحيرة، وللآخر سويد وكان يغير من ناحية الأبلة. وكان ذلك في خلافة أبي بكر، فكتب المثنى إلى أبي بكر يعلمه ضراوته بفارس ويعرفه وهنهم ويسأله أن يمده بجيش، فكتب أبو بكر إلى خالد - وكان فرغ من أهل الردة - أن يسير إلى الحيرة ويضم إليه المثنى ففعل، وكره المثنى ورود خالد عليه.
ونرجع إلى البلاذري فنجد عنده وصفا رائعا لغزوات خالد في الحيرة تعرفنا طبيعة تلك المعارك، وقد سبق ذكر بعضها، ونذكر في ما يلي موجزا لبعض ما وقع منها بعد الحيرة، قال: