المسلمين - فالبيعة أو عدمها لم تكن بمغيرة من ذلك الحق المنصوص عليه شيئا - لو كان المسلمون يريدون أن يأخذوا بكل ما أتى به الرسول - وإن كان الرسول قد ترك أمته هملا - كما يذهب إليه طائفة أخرى من المسلمين - فلم يكن من الصواب أن يغصبوا من المسلمين حق الانتخاب.
وأيا ما كان الامر فإن عليا آنذاك لو كان آخذا بنصيحة عمه لقيل في بيعته إنها فلتة كما قيل في بيعة أبي بكر " إنها فلتة " (1) ولأضرمت الجماعة عند ذاك نار حرب يشيب منها الوليد. لان هذا البعض كان يكره أن تجتمع الخلافة والنبوة لبني هاشم (2) وإن نص النبي لعلي لم يكن بمزيل هذه الكراهية إن لم يزدها. إذا فعلي كان أبعد نظرا من عمه في أمره. وأخرى أن عليا لم يكن ليرضى أن تنعقد له البيعة في البيت بمبادرة جماعة إليها دون أن يكون ذلك في ملا من المسلمين وبرضى عامتهم كما لم يقبل بذلك بعد وقعة الدار. وقد قال علي في جواب عمه: فإني لا أحب هذا الامر من وراء رتاج، وإنما أريد أن اصحر به (3).