(5) والتذكير بالماضين وبما عرض لهم من طوارق الدهر ونوازل الأيام، وبما ألم بهم من نكبات وآلام، وكيف أن كل ما نصبوا أنفسهم لجمعه من مال لم يغن عنهم شيئا حين حل بهم الموت.. هذا التذكير بالماضين يتخذه الإمام عليه السلام وسيلة إلى تجسيم الواقع الذي يزيفه الناس، ويفرون منه، ويتمردون عليه.
والتاريخ عند العاملين للدنيا على نحو جنوني ينقلب إلى مادة للتسلية واللهو بدل أن يكون منبعا للعبرة ومقيلا من العثرة، وينقلب أيضا صدى ميتا لكائنات لا تصلهم بها صلة، ولا تشدهم إليها وشيجة، فلا تثير مآسية فيهم طائف حزن، ولا تمدهم تجاربه بالبصيرة.
ويحاول الامام في هذا اللون من مواعظه أن يصل ما انقطع بينهم وبين التاريخ بصلات الفكر والعاطفة، ووشائج العقل والقلب، ليعود التاريخ في أنفسهم مادة غنية بالحياة والحركة، فهي توجه وترشد، وتمسك بالانسان عن الزيغ والانحراف.
قال عليه السلام:
(.. وخلف لكم عبرا من آثار الماضين قبلكم،