(3) لا يريد منا الإمام عليه السلام أن نقطع أنفسنا عن دنيانا وأن نحرمها لذات هذه الدنيا، وأن نغل غرائزنا وشهواتنا عن الانطلاق. إن التحرر عن طريق الحرمان شئ عظيم ونبيل، ولكن أكثر الناس لا يستطيعونه، ولا يقوون على احتماله.
فها هو عليه السلام يقرر في إحدى كلماته المضيئة الهادية عقم كل محاولة ترمي إلى اقتطاع الانسان من واقعه: واقع جسمه وغرائزه ورغباته كإنسان، وواقع حياته ذات المطالب والحاجات، وواقع كينونته الاجتماعية.
يقرر عليه السلام عقم كل محاولة ترمي إلى اقتطاعه من هذا الواقع بالتنكر لغرائزه ورغباته وحاجات حياته ولكن لماذا؟. لان أسر هذه الغرائز والرغبات مودع في طبيعة الانسان، ولا يسعه التفلت من أسرها إلا بالاستحالة إلى ذات أخرى.
قال عليه السلام: (الناس أبناء الدنيا ولا يلام الرجل على حب أمه) (1).