ورأيناه يجمل رأيه في الدنيا والآخرة في هذه الفقرات:
(للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه وساعة يرم معاشه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل. وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم) (1).
هذا هو موقف الامام من الدنيا والآخرة، فهو يشجع على العمل للدنيا في غير إسراف، ويأمر بالعمل للآخرة ولكن في غير إعنات. وهذا هو الموقف الطبيعي المعقول من الدنيا والآخرة، فلا هو يقعد بالمجتمع عن تقدمه، ولا هو يحيل الانسان إلى آلة حاسبة فحسب.
ولكن هذا الموقف لا يلائم ما يقال عن هذا اللون من ألوان وعظه عليه السلام من أنه يدعو فيه إلى الاستراحة إلى خيالات الموت والقبر.
وإذا شئنا أن نلتمس حلا صحيحا لهذا التنافي الذي يلوح بين رأي الامام في الدنيا وبين ما يبدو من هذا اللون الوعظي وجدنا مفتاح هذا الحل في وصفه للزهد وتعريفه له.
فالإمام عليه السلام يعرض في هذا اللون الوعظي جملة من الحقائق التي لا مراء فيها بأسلوب وعظي أعني مثير للرهبة في النفس.
فهو يقرر في كلامه أن حياتنا بقدر ما تبدو رتيبة هي متقلبة في عنف، وبقدر ما تبدو مسالمة هي تتربص في كتمان، وبقدر ما تبدو جميلة عظيمة فإنها