(1) لا نعرف متى دخلت فكرة الطبقة، كوحدة اجتماعية كبيرة وذات مدى رحب، في تركيب المجتمع الانساني. ففي تاريخ الانسان المكتوب لا نجد حضارة تألقت ثم انطفأت إلا وكانت تعرف فكرة الطبقات، وكان لهذه الفكرة واقع عياني يضرب بجذوره عميقا في تنظيماتها الاجتماعية.
كل المجتمعات التي وجدت وبادت والتي لا تزال مستمرة الوجود تقوم على النظام الطبقي. وهذا يعني، في ظاهر الحال، أنه لم يمر على البشرية وقت طويل لم تعرف فيه فكرة الطبقات.
وربما كان هذا حقا بالنظر إلى ما نرجحه في تعليل نشوء المجتمع الانساني.
فالمجتمع الانساني، فيما نرجح، يخضع في نشوءه لعاملين: عامل الغريزة (بمعناها الواسع الذي يشمل عاطفة الأبوة والدوافع النفسية إلى تكوين العائلة) وعامل الثقافة بمعناها الواسع أيضا. وهذا يعني ان المجتمع الانساني وجد منذ اللحظة التي تعدد فيها أفراد النوع، فلم يمر على الانسان أمد طويل كان فيه حيوانا غير اجتماعي.
ومنذ أخذ المجتمع الانساني في الاتساع وجدت فكرة الطبقة سبيلها إلى العقل. فالافراد يختلفون في مقدار ما يأتونه من أعمال البر والخير، ويختلفون في المواهب وفي القدرة البدنية، ويختلفون تبعا لهذا في القدرة على الصيد