ثم نبه إلى أن طول الامل والتزييف للواقع أمر لا مبرر له فالدنيا سريعة (حذاء) وهي بالنسبة إلى كل شخص، (لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء) فلماذا طول الامل وما مبرره؟.
وهاتان الآفتان النفسيتان: اتباع الهوى وطول الامل، لا تحلان إلا في نفس اطرحت النظرة الواقعية الاسلامية. وقد كان الواقع الاجتماعي في زمن الامام يبعد بين الانسان وبين هذه الواقعية وينأى به عنها.
وهذا النحو من العمل للدنيا يسبب التفسخ الاجتماعي، فهو لا يقتصر بآثاره الضارة على الفرد وحده، وإنما يمتد بهذه الآثار إلى المجتمع.
قال عليه السلام:
(.. قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال، وحضرتكم كواذب الآمال، فصارت الدنيا أملك بكم من الآخرة، والعاجلة أذهب بكم من الآجلة.
وإنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر، فلا توازرون، ولا تناصحون، ولا تباذلون ولا توادون، ما بالكم تفرحون باليسير من الدنيا تدركونه، ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه؟ ويقلقكم اليسير من الدنيا يفوتكم حتى يتبين ذلك في وجوهكم وقلة صبركم عما زوي (1) منها عنكم، كأنها دار مقامكم، وكأن متاعها باق عليكم!!