دراسات في نهج البلاغة - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢٤٣
وقال عليه السلام:
(. فقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال، وحذر الاقلال (1) وأمن العواقب - طول أمل واستبعاد أجل - كيف نزل به الموت، فأزعجه عن وطنه، وأخذه من مأمنه، محمولا على أعواد المنايا (2) يتعاطى به الرجال الرجال، حملا على المناكب، وإمساكا بالأنامل. أما رأيتم الذين يأملون بعيدا، ويبنون مشيدا، ويجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا وما جمعوا بورا (3)، وصارت أموالهم للوارثين، وأزواجهم لقوم آخرين) (4).
وإذن فلم يغن عن هؤلاء تزييفهم لواقعهم، وغرورهم بأنفسهم، وحسبانهم أنهم خالدون.
لقد دهمهم هذا الواقع وهم يحسبون أنهم في أمان، فهل أغنت عنهم أموالهم وهل حصنتهم قصورهم؟ لا، لقد ذهبوا، فليكن لك فيما صار إليه أمرهم عبرة تدفعك إلى اليقظة، وترحض عنك الغفلة.
ومن البين أن الإمام عليه السلام في هذا اللون من مواعظه لا يريد الناس على أن يفروا من دنياهم، ويتركوا العمل لها، فقد رأيناه يكره هذا اللون من السلبية

(1) الاقلال: الفقر.
(2) أعواد المنايا: النعش. (يتعاطى به الرجال.) يتداولونه تارة على أكتاف هؤلاء، وأخرى على أكتاف هؤلاء.
(3) البور: الفاسد الهالك. وقال تعالى: (وكنتم قوما بورا) أي هالكين.
(4) نهج البلاغة، رقم النص: 130.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الطبعة الثانية 5
2 مقدمة الطبعة الأولى 9
3 المجتمع والطبقات الاجتماعية 13
4 فكرة المجتمع في نهج البلاغة 15
5 الطبقة الاجتماعية 21
6 القيمة العليا في الإسلام: التقوى والتقسيم الطبقي 29
7 مدخل إلى دراسة الطبقات في نهج البلاغة 45
8 العسكريون 51
9 القضاة 60
10 الولاة 68
11 الكتاب 75
12 الزراع 83
13 التجار والصناع 94
14 العمال ومن لا يستطيعون عملا 102
15 المجتمع القبلي، موقف الإمام من الروح القبلية 108
16 الحاكم 121
17 الحكم ضرورة لكل مجتمع 123
18 من شروط الحاكم 126
19 طبيعة الحكم عند الإمام، وعلاقة الحاكم بالشعب 129
20 حقوق الرعية على الحاكم 137
21 طبيعة الحق، وحقوق الحاكم على الرعية 140
22 التعاون بين الحكم والشعب 144
23 المغيبات 147
24 موقف الرفض للمغيبات 149
25 فلسفة موقف الرفض: نزعة التجريب: عرض ومناقشة 151
26 اهتمام العلم الحديث بطاقات الإنسان الخفية 157
27 التعليل العلمي لظاهرة المغيبات 161
28 المغيبات في نهج البلاغة 166
29 مغيبات أخرى ذكرها ابن أبي الحديد 185
30 الوعظ 197
31 تمهيد: أسلوب الوعاظ التقليديين الطريقة الصحيحة لدراسة النصوص 199
32 المثل الأعلى للحياة في الإسلام، والواقع الاجتماعي والسياسي حين تولى الإمام علي الحكم 202
33 إصلاحات الإمام علي وردود الفعل ضدها 209
34 النظرة الواقعية إلى الحياة في الإسلام والخلق العربي 221
35 موقف الإمام من العمل للدنيا موقفة من الفقر 229
36 اتباع الهوى وطول الأمل: ما يعني بهما الإمام؟ وما آثارهما في حياة الإنسان 236
37 الموعظة بالتاريخ وظيفة التاريخ 241
38 دعوة إلى التوازن بين الدنيا والآخرة 245
39 تناقض ظاهري في موقف الإمام معني الزهد وعناصره 251
40 نماذج من وعظ الإمام بتقلب الدنيا 257