عندما يفقد العلم جوهره وخاصيته، فهو والجهل سواء. ولذا قال الإمام علي (عليه السلام): " لا تجعلوا علمكم جهلا " (1). أي لا تتصرفوا تصرفا يفقد العلم خاصيته، ويسلب منه اسمه الصحيح.
لقد مني العلم اليوم بهذا المصير المشؤوم بعد فقده جوهره واتجاهه المستقيم السديد، فأصبح كالجهل قاتلا، مفسدا، مدمرا، بل أصبح أشد ضررا من الجهل!
ما أروع كلام الإمام علي (عليه السلام) وما أدقه! إذ قال:
" رب عالم قتله جهله، وعلمه معه لا ينفعه " (2).
المصير المؤسف للعالم الذي يهلك من جهله عجيب حقا. وعندما حدث سعد بن أبي وقاص رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرة، بما جرى له في سفره، قال له مصورا جهل القوم المرسل إليهم: أتيتك من قوم هم وأنعامهم سواء! فقال له (صلى الله عليه وآله): يا سعد، ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ قوم علموا ما جهل هؤلاء ثم جهلوا كجهلهم (3).
هذا الكلام يعبر لنا عن مصير العلم في واقعنا المعاصر. فالعالم المتحضر ذو العلم اليوم يعاني من الجهل حقا، وهو ضحية جهله! وهكذا فعلم البشرية يغزو الفضاء ويصل إلى القمر لكنه عاجز عن أداء أقل دور في حركة الإنسان نحو الكمال المطلق ووعي الإنسانية وتكاملها!
خصائص جوهر العلم خصائص جوهر العلم وآثاره وعلاماته، في القرآن والأحاديث، تماثل خصائص وآثار وعلامات حقيقة الحكمة (4) وجوهر العقل (5)، وهذا التماثل يساعد