وركب في بني آدم كليهما " (1).
سمي عنصر الجهل في هذا الحديث " شهوة "، فللملائكة عقل فحسب، وللبهائم عنصر الشهوة فحسب. فالملائكة عقل محض، والبهائم جهل محض.
في حين ينطوي كيان الانسان على مزيج مركب من العقل والجهل، أو العقل والشهوة، أو العقل والنفس الأمارة.
4 - الحكمة من تركيب العقل والجهل إن أهم قضية تتعلق بخلق العقل والجهل هي الحكمة الكامنة وراء مزج هذين العنصرين المتضادين، ولماذا أودع الله الحكيم في كيان الانسان النفس الأمارة؟
ولماذا خلق له شهوة تدفع به نحو حضيض الجاهلية؟ ولماذا لم يخلقه كالملائكة.
مجرد عقل بلا شهوة لكي لا يحوم حول الرذائل؟
الجواب على ذلك: هو أن الخالق الحكيم أراد أن يخلق كائنا له قدرة على الاختيار، فالحكمة والسر الكامن وراء هذا التركيب الممزوج من العقل والجهل في الانسان هو خلق موجود حر له قدرة على الاختيار.
فالملائكة بما أنهم مجردون من الشهوة يمتنع صدور القبيح منهم (2)، ولهذا لا يمكنهم اختيار طريق آخر غير ما يأمر به العقل.
وكذلك البهائم، فبما أنها مجردة من العقل فهي غير قادرة على اختيار طريق غير الطريق الذي تدعوها إليه شهوتها.
وأما الانسان، فنظرا لكونه مركبا من عقل وشهوة فهو حر ولديه القدرة على الاختيار، وهذا هو ما يوجب أفضلية الانسان على سائر الموجودات الأخرى،