هاتان الثورتان متقاربتان في الموضوع والأشخاص فلماذا لا تنتهيان إلى أسباب متقاربة وبواعث متشابهة.
ونحن نعلم جيدا سر الانقلاب الذي طرأ على السيدة عائشة حين إخبارها بأن عليا ولي الخلافة يرجع إلى الأيام الالى في حياة علي وعائشة حينما كانت المنافسة على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين زوجته وبضعته.
ومن شأن هذه المنافسة أن تتسع في آثارها فتثبت مشاعر مختلفة من الغيظ والتنافر بين الشخصين المتنافسين وتلف بخيوطها من حولهما من الأنصار والأصدقاء، وقد اتسعت بالفعل في أحد الطرفين فكان ما كان بين السيدة عائشة وعلي، فلا بد أن تتسع في الطرف الآخر فتعم من كانت تعمل أم المؤمنين على حسابه في بيت النبي.
نعم إن انقلاب أم المؤمنين إنما هو من وحي ذكريات تلك الأيام التي نصح فيها علي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يطلقها في قصة الإفك المعروفة (1).
وهذا النصح إن دل على شئ فإنه يدل على انزعاجه منها ومن منافستها لقرينته، وعلى أن الصراع بين زوج الرسول وبضعته كان قد اتسع في معناه وشمل عليا وغير علي ممن كان يهتم بنتائج تلك المنافسة وأطوارها.
(دوافع الخليفة الأول في موقفه) نعرف من هذا أن الظروف كانت توحي إلى الخليفة الأول بشعور خاص