وإذا أردنا أن نمسك بخيوط الثورة الفاطمية من أصولها، أو ما يصح أن يعتبر من أصولها، فعلينا أن ننظر نظره شاملة عميقة لنتبين حادثتين متقاربتين في تاريخ الإسلام، كان أحدهما صدى للاخر وانعكاسا طبيعيا له، وكانا معا يمتدان بجذور هما وخيوطهما الأولى إلى حيث قد يلتقي أحدهما بالآخر أو بتعبير أصح إلى النقطة المستعدة في طبيعتها إلى أن تمتد منها خيوط الحادثتين.
أحدهما: الثورة الفاطمية على الخليفة الأول التي كادت أن تزعزع كيانه السياسي، وترمي بخلافته بين مهملات التاريخ.
والاخر: موقف ينعكس فيه الأمر فتقف عائشة أم المؤمنين (1) بنت الخليفة الموتور في وجه علي زوج الصديقة الثائرة على أبيها.
وقد شاء القدر لكلتا الثائرتين أن تفشلا مع فارق بينهما مرده إلى نصيب كل منهما من الرضا بثورتها، والاطمئنان الضميري إلى صوابها وحظ كل منهما من الانتصار في حساب الحق الذي لا التواء فيه وهو أن الزهراء فشلت بعد أن جعلت الخليفة يبكي ويقول: أقيلوني (2) بيعتي، والسيدة عائشة فشلت فصارت تتمنى أنها لم تخرج إلى حرب (3) ولم تشق عصا طاعة.