6 - ومن جهة أخرى هل يمكننا أن نقبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجر على أحب الناس إليه وأقربهم منه البلايا والشدائد وهي التي يغضب لغضبها ويسر لسرورها وينقبض لانقباضها (1)، ولم يكن ليكلفه دفع هذه المحن عنها أكثر من إعلامها بحقيقة الأمر لئلا تطلب ما ليس لها بحق، وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذ له أن ترزى ابنته، ثم تتسع هذه الرزية فتكون أداة اختلاف وصخب بين المسلمين عامة، وهو الذي ارسل رحمة للعالمين، فبقي مصرا على كتمان الخبر عنها مع الأسرار به إلى أبي بكر.
(روايات الخليفة الأول ومناقشتها) 1 - لأجل أن نلقي نظرة على الحديث من الناحية المعنوية بعد الملاحظات التي أسلفنا ها، نقسم الصيغة التي جاءت في رواية الموضوع إلى قسمين: - (الأول) ما جاء في بعضها من أن أبا بكر بكى لما كلمته فاطمة ثم قال:
يا بنت رسول الله، والله ما ورث أبوك دينارا ولا درهما، وإنه قال: إن الأنبياء لا يورثون (2). وما ورد في الخطبة من قوله: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دار ا لكنما نورث الأيمان والحكمة والعلم والسنة) (3). 69