النبوة المباركة، فهو ناصرها في البداية، وأملها الكبير في النهاية، يخسر أخيرا خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقوض معنوياته النورية التي شهدت لها السماء والأرض جميعا، وتسقط سوابقه الفذة عن الاعتبار ببعض المقاييس التي تم اصطلاحها في تلك الأحايين.
وهنا بكت بكاء شقيا ما شاء الله لها أن تبكي، ولم يكن بكاء بمعناه الذي يظهر على الأسارير، ويخيم على المظاهر، ت بل كان لوعة الضمير، وارتياع النفس، وانتفاضة الحسرات في أعماق القلب، وختمت طوافها الأليم هذا بعبرتين ندتا من مقلتيها.
ثم لم تطل وقفتها، بل اندفعت كالشرارة الملتهبة وحولها صويحباتها حتى وصلت إلى ميدان الصراع، فوقفت وقفتها الخالدة، وأثارت حربها التي استعملت فيها ما يمكن مباشرته للمرأة في الإسلام، وكادت ثورتها البكر أن تلتهم الخلافة لولا أن عاكسها شذوذ الظرف، وتناثرت أمامها العقبات.
(أجواء الحدث) تلك هي الحوراء الصديقة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ريحانة النبوة، ومثال العصمة، وهالة النور المشعة، وبقية الرسول بين المسلمين - في طريقها إلى المسجد - وقد خسر ت أبوة في أزهى الأبواب في تاريخ الإنسان، وأفيضها