فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٦٦
فضفاضه، ولأصدرهم بطانا قد تحير بهم الرأي غير متحل بطائل إلا بغمر الناهل وردعه سورة الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم الله بما كانوا يسكبون، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي لجأ استندوا وبأي عروة تمسكوا، لبئس المولى ولبئس العشير، ولبئس للظالمين بدلا. استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قو م يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) (1).
ولم يؤثر عن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهن خاصمن أبا بكر في شئ من ميراثهن، أكن أزهد من الزهراء في متاع الدنيا، وأقرب إلى ذوق أبيها في الحياة؟ أو أنهن اشتغلن بمصيبة رسول الله ولم تشتغل بها بضعته، أو أن الظروف السياسية هي التي فرقت بينهن فأقامت من الزهراء معارضة شديدة، ومنازعة خطرة دون نسوة النبي اللاتي لم تزعجهن أوضاع الحكم.
وأكبر الظن أن الصديقة كانت تجد في شيعة قرينها، وصفوة أصحابه الذين لم يكونوا يشكون في صدقها من يعطف شهادته على شهادة علي وتكتمل بذلك البينة عند الخليفة. أفلا يفيدنا هذا أن الهدف الأعلى لفاطمة الذي كانوا يعرفونه جيدا ليس هو إثبات النحلة أو الميراث، بل القضاء على نتائج السقيفة (2)؟ وهو لا يحصل بإقامة البينة في موضوع فدك، بل بأن

(١) يونس / ٣٥.
(٢) راجع: شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ١٦: ٢٣٦، ويظهر أن الخلافة فطنت إلى هذا الأمر، فحالت دونه، ويظهر من المحاورة التي جرت بين الخليفة الثاني وابن عباس جلية الموقف، جاء في تاريخ الطبري ٢: ٥٧٨... قال عمر: يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منهم - من بني هاشم - بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال ابن عباس: فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لنفسها فأصابت ووفقت.
فقلت: يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام... فقال: تكلم يا ابن عباس، فقلت: أما قولك: اختارت قريش فأصابت... فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عز وجل لكان لها الصواب بيدها غير مردود... أما قولك: كرهوا أن تجتمع النبوة والخلافة فإن الله وصف قوما بالكراهية فقال: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) سورة محمد / 9.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185