فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٥٨
بمنازعتها حول فدك على ذلك الوجه العنيف الذي لم يعرف أو لم يشأ أن يعرف هيبة للسلطة المهيمنة، أو جلالا للقوة المتصرفة، يعصم الحاكمين من لهيبها المتصاعد، وشررها المتطاير، وبقي الحكم من إ شعاعة نور متألقة تلقي ضوءا عليه، فتظهر للتاريخ حقيقته مجردة عن كل ستار، بل كانت بداية المنازعة ومراحلها نذير ثورة مكتسحة أو ثورة بالفعل عندما اكتملت في شكلها الأخير، ويومها الأخير، تحمل كل ما لهذا المفهوم من مقدمات ونتائج، ولا تتعرض لضعف أو تردد.
وما عساه أن يكون هدف السلطة الحاكمة، أو بالأحرى هدف الخليفة رضى عنه الله نفسه في أن يقف مع الحوراء على طرفي الخط، أولم يكن يخطر بباله أن خطته هذه تفتح له بابا في التاريخ في تعداد أولياته، ثم يذكر بينها خصومة أهل البيت؟! فهل كان راضيا بأوليته هذه مخلصا لها حتى يستبسل في امتناعه، وموقفه السلبي، بل الإيجابي المعاكس؟ أو أنه كان منقاد للقانون، وملتزما بحرفيته في موقفه هذا كما يقولون، فلم يشأ أ ن يتعد حدود الله تبارك وتعالى في كثير أو قليل، وإن لموقفه الغريب نجاه الزهراء صلة بموقفه في السقيفة، وأعني بهذه ا لصلة الاتحاد في الغرض، أو اجتماع الغرضين على نقطة واحدة (1). وبالأحرى أن تقوم على داثرة واحدة متسعة

(١) ينقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٦: ٢٨٤ قال: (وسألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم، قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ فتبسم، ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعايته، قال: لو أعطاها اليوم فد ك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا، وادعت لزوجها الخلافة، وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشئ، لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود). قال ابن أبي الحديد: وهذا كلام صحيح.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185