يحدثنا التاريخ عن شخص واخذ انتصر لعمر في رأيه، فلم يكن إلا رأيا شخصيا لا خطر له ولا شأن للقضاء عليه.
وقد يكون من حق البحث أن الاحظ أن شرح الخليفة لحقيقة الحال في خطابه الذي وجهه إلى الناس كان شرحا باهتا في غير حد لا يبدو عليه من مشاعر المسلمين المتحرقة في ذلك اليوم شئ، بل لم يزد في بيان الفاجعة الكبرى على أن قال: (إن من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات). وقد كان الموقف يتطلب من أبي بكر إذا كان يريد أن يقدم في نفسه زعيما لتلك الساعة تأبينا للفقيد الأعظم يتفق مع العواطف المتدفقة بالذكريات الحسرات يومئذ.
ومن الذي كان يعبد سيد الموحدين حتى يقول من كان يعبد محمدا فإنه قد مات؟ وهل كان في كلام عمر معنى يدل على أنه كان يعبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو كانت قد سرت موجة من الارتداد والإلحاد في ذلك المجتمع المؤمن الذي كان يعتصر دموعه من ذكرياته، وصبره، وتماسكه من عقيدته حتى يعلن لهم أن الدين ليس محدودا بحياة رسول الله لأنه ليس بالإله المعبود.
إذن فلم يكن لكلام أبي بكر الذي خاطب به الناس صلة بموقفهم ولا علاقة برأي عمر، ولا انسجام مع عواطف المسلمين في ذلك اليم وشؤونهم، وقد سبقه به غيره ممن حاول مناقشة الفاروق كما سيأتي.
(مسألة السقيفة وموقف الإمام علي عليه السلام) وكان يعاصر هذا الاجتماع الذي تكلمنا عنه اجتماع آخر للأنصار عقدوه في سقيفة بني ساعدة برئاسة سعد بن عبادة زعيم الخزرج ودعاهم فيه إلى إعطائه