ونعرف مما سبق أن صيغة الحديث لو كانت صريحة في ما أراده الخليفة لها من المعاني، لنا قضت القرآن الكريم، ومصيرها الاهمال حينئذ.
وليس في المسألة سبيل إلى اعتبار الحديث مدركا قانونيا في موضوع التوريث، ولذا لم يتفطن الصديق إلى جواب يدفع به اعتراض خصمه عليه بالآية الانفة الذكر، ولم يوفق أوحد من أصحابه إلى الدفاع عن موقفه.
وليس ذلك إلا لأنهم أحسوا بوضوح أن الحديث يناقض الآية بمعناه الذي يبرر موقف الحاكمين.
ولا يمكن أن نعتذر عن الخليفة بأنه يجوز اختيار أحد النصين المتناقضين وتنفيذه كما يرتئيه جماعة من علماء الإسلام، وقد اختار أن ينفذ مدلول الحديث، وذلك لأن المعارض للقرآن باطل بلا ريب لأنه الحق، وهل بعد الحق إلا الضلال؟؟
(مسألة النحلة) الناحية الثانية: المناقشة التي قامت بين الخليفة والصديقة حول نحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إياها فدك، فقد ادعت الصديقة النحلة وشهد بذلك قرينها وأم أيمن فلم يقبل الخليفة دعواها (1)، ولم يكتف بشاهديها، وطالبها بينة كاملة وهي رجلان أو رجل وامرأتان.