وعلى هذا كانت فدك معنى رمزيا يرمز إلى المعنى العظيم ولا يعني تلك الأرض الحجازية المسلوبة، وهذه الرمزية التي اكتسبتها فدك في التي ارتفعت بالمنازعة من مخاصمة عادية منكمشة في أفقها، محدودة في دائرها إلى ثورة واسعة النطاق رحيبة الأفق.
أدرس ما شئت من المستندات التاريخية الثابتة للمسألة، فهل ترى نزاعا ماديا، أو ترى اختلافا حول فدك بمعناها المحدود وواقعها الضيق، أو ترى تسابقا على غلات أرض مهما صعد بها المبالغون وارتفعوا؟ فليست شيئا يحسب له المتنازعون حسابا.
كلا! بل هي الثورة على أسس الحكم، والصرخة التي أرادت فاطمة أن تقتلع بها الحجر الأساسي الذي بني عليه التاريخ بعد يوم السقيفة.
ويكفينا لإثبات ذلك أن نلقي نظرة على الخطبة التي خطبتها الزهراء في المسجد أمام الخليفة وبين يدي الجم المحتشد من المهاجرين والأنصار، فإنها دارت أكثر ما دارت حول امتداح علي والثناء على مواقفه الخالدة في الإسلام وتسجيل حق أهل البيت الذين وصفتهم بأنهم الوسيلة إلى الله في خلقه وخاصته ومحل قدسه وحجته في غيبه، وورثة أنبيائه في