فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٧١
فقد كانت تلك اللحظة التي ضرب بها بشيرين سعد (1) على يد الخليفة نقطة التحول في تاريخ الإسلام التي وضعت حدا لأفضل العهود وأعلنت عهد آخر نترك تقريضه للتاريخ.
(مسألة موت الرسول القائد صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كان ذلك في اليوم الذي حانت فيه الساعة الأخيرة في تاريخ النبوات التي قطعت أقدس أداة وصل بين السماء والأرض وأبركها وأفيضها خيرا ونعمة وأجودها صقلا للإنسانية إذ لفظ سيد البشر نفسه الأخير وطارت روحه إلى الرفيق الأعلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فهرع الناس إلى بيت النبوة الذي كان يشرق بأضوائه لتوديع العهد المحمدي السعيد وتشييع النبوة التي كانت مفتاح مجد الأمة، وسر عظمتها، واجتمعوا حوله تتقاذفهم شتى الخواطر وترتسم في أفكارهم ذكريات ممن روعة النبوة وجلال النبي العظيم. وقد خيل إليهم أن هذه السنوات العشر التي نعموا فيها برعاية خير الأنبياء، وأبر الاباء كانت حلما لذيذا تمتعوا به لحظة من زمان وازدهرت به الإنسانية برهة من حياتها، وهاهم قد أفاقوا على أسوأ ما يستيقظ عليه نائم.
وبينما كان المسلمون في هذه الغمرة الطاغية، والصمت الرهيب لا ينطق منهم أحد بكلمة، وقد اكتفوا في تأبين الراحل العظيم بالدموع والحسرات والخشوع والذكريات، إذ يفاجؤون بصوت يجلجل في الفضاء ويقطع خيط الصمت الذي لف المجتمعين وهو يعلن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يمت ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله وليرجعن فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته: (لا أسمع رجلا يقول مات رسول الله

(١) راجع: تاريخ الطبري ٢: ٢٤٣، وفيه إشارة إلى سبق بشير بن سعد إلى مبايعة الخليفة الأول.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185